مقترح ملتقى دولي

الأستاذ: لخضر سباعي

أسئلة تحديث الفكر الديني في الفضاء الإسلامي سياقات التبلور وأدوات المقاربة

لا يكاد المستقرئ للمشهد الفكري العربي والإسلامي الممتد من جيل دعاة الإصلاح والإحياء أو التجديد في مطلع القرن التاسع عشر(جمال الدين الأفغاني، محمد عبده، محمد إقبال، الطهطاوي، طه حسين، علي عبد الرازق ...)، إلى جيل دعاة الحداثة والتنوير أو الأنسنة من أصحاب المشاريع الفكرية المتعددة المشارب في القرن العشرين، ومطلع القرن الواحد والعشرين (محمد عابد الجابري، نصر حامد أبو زيد، محمد أركون، حسن حنفي، عبد المجيد الشرفي، عبد الجبار الرفاعي، يوسف صديق، فضل الرحمن الباكستاني..)، يخطئ رصد ذلك الإنشداد إلى منطقة الفكر الديني بمداخل ومقاربات ومنظورات مختلفة، مما يرسخ لديه الاعتقاد بأن هناك اتفاق بين صناع هذا المشهد على أن علة التخلف الحضاري التي تعيشها المجتمعات العربية والإسلامية إن لم تكن تتأتى بشكل مباشر من داخل تلك المنطقة، فإن الحل ينبعث بالضرورة من داخلها عبر حلحلة التفكير الديني وتجديد الآليات المتوارثة في إنتاج المعرفة الدينية في حقولها المتعددة المعروفة(فقه، تفسير، كلام، حديث، أصول، تصوف...)، تلك الحلحلة التي يعول عليها في استنبات إنسان و مجتمع مسلم جديد، بقيم وقناعات أكثر فعالية وإيجابية يستعيد بها حضوره في التاريخ.

في هذا الخضم تبلورت في الفكر العربي والإسلامي (حديثه ومعاصره) دعوات إلى تجديد العلوم الدينية الإسلامية، أو بالأحرى إلى  تحديث أدواتها الإيبستيمولوجية  المنهجية بالشكل الذي يجعلها أكثر مواكبة و استيعابا لسيرورة الزمن والواقع الدائب الحركة، جاءت هذه الدعوات لتؤكد بشكل أو بآخر أن العلوم الإسلامية الكلاسيكية بوصفها "تفكيرا في الدين"، وليس باعتبارها "هي الدين نفسه"، أنتجت في زمنها بعض المعارف والتصورات لم تعد في الزمن الحاضر تمتلك الفعالية الكافية في تأطير الإنسان والمجتمع، إن لم نقل أنها صارت ذات فعالية  عكسية، الأمر الذي يستدعي على جهة الوجوب استئناف التفكير في الدين وتثوير المعارف الكلاسيكية، لا سيما وأن هذا المسعى يجد سنده في الحديث النبوي" إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها".

داخل هذا المشغل الحضاري والفكري نطرح للبحث والتفكير موضوع" أسئلة تحديث الفكر الديني في الفضاء الإسلامي...سياقات التبلور وأدوات المقاربة"، ابتغاء استدعاء السياقات التاريخية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تم فيها تشكّل وتدوين المعارف الدينية الإسلامية، وكذا استرجاع المسارات البيداغوجية والتاريخية التي مرت بها تلك المعارف قبل أن تبلغ درجة من التنميط تحولت معها إلى سياجات عقائدية تم تقديسها واتخاذها ذرائع للتصدي لكل محاولات التجديد، والقدح في كل من يفكر خارج بناها المعرفية والمنهجية.، استدعاء تلك السياقات هو ضرورة منهجية و معرفية تجد مسوغها في مسلمة مفادها أن "الفكر والعلم البشريين صنائع ذات مشروطية  تاريخية واجتماعية"، وبالتالي يجب الاعتقاد بنسبيتها أمام كل محاولة للتقديس، وأن لكل عصر سقفه المعرفي الذي يتيح تحديث مقولات النظر و تحيين أدوات الفهم والقراءة والتأويل. أسئلة تحديث الفكر الديني بصيغة الجمع تبتغي استحضار مجموع المسائل والقضايا التي تطرح في السياقات الإسلامية فتثير جدلا دينيا، أصوليا أو فقهيا أو كلاميا، قلما ينتهي بالاعتراف المتبادل والتعايش وقبول الاختلاف بين الرؤى وزوايا النظر، من ذلك نذكر، المسائل المتعلقة بالمرأة، حريتها، حجابها، زواجها، مشاركتها في العمل السياسي، توليها القضاء، حقها في الميراث....، كما نذكر أيضا المسائل المتعلقة بالاقتصاد والتجارة، وما يرتبط بها كالمعاملات البنكية والأرباح والقروض وغيرها، دون أن نغفل المسائل ذات الصلة العدل والسلطة والخروج عن ظلم الحكام، و قبول الاختلاف بين المذاهب والطوائف الدينية...تلتقي هذه الأسئلة كلها في السؤال التالي: ما هو الثابت والمتحول في موروثنا الديني  حول هذه المسائل؟، و كيف يتسنى لإنسان و مجتمعات الزمن الحاضر أن تتدبر هذه الأسئلة في سياقات عالم مختلف عن العصر الإسلامي الوسيط الذي التأم في الموروث الديني؟ كيف له أن يتدبر هذه الأسئلة بالجرأة الكافية، وبالحرية والمسؤولية الضروريتين في ظل ممانعة التيارات الدينية الأرثودوكسية المدعومة أحيانا بمؤسسات دينية رسمية عتيقة، وبمخيال اجتماعي رمزي سريع التجييش والاستمالة يرى في دعوات التجديد والتحديث الديني مروقا وزندقة وتدنيسا للمقدس؟. بينما يصر دعاة تحديث الفكر الديني على أن هدفهم  ليس هدم الدين أو تقويض دوره في حياة المجتمعات والأفراد، وإنما هو استرداد كرامة الإنسان المهدورة في خطابات دينية منغلقة متحجرة.  ما فتئ هؤلاء الدعاة يؤكدون أن فلسفتهم في الدين والمعرفة الدينية تستهدف بالأساس استرجاع إنسانية الأديان ووظائفها الأنطولوجية الأصلية، وتخليص البشر من القلق الوجودي والاغتراب والإحباط و اليأس.

__2023_1.jpg

المحاور

المحور الأول: السياقات التاريخية والحضارية للدعوة إلى التحديث الديني.

المحور الثاني: السياقات التاريخية لنشأة العلوم الإسلامية وتدوينها.

المحور الثالث: مشاريع التجديد الديني في عصر النهضة.

المحور الرابع: المشاريع الحداثية في نقد الفكر الديني ومرجعياتها المختلفة.

المحور الخامس: تجديد العلوم الدينية (علم الكلام – التفسير – الفقه .....)

المحور السادس: عقبات تحديث الفكر الديني في الفضاء الإسلامي.

الإشكالية

بناء على ما تقدم نتساءل: ما هي البدائل التي يطرحها رواد الدرس الحداثي في مقارباتهم للدين والمعرفة الدينية؟، ما مدى الصلوحية الإيبستيمولوجية والمنهجية التي يدعيها دعاة تحديث الفكر الديني لأدواتهم المنهجية والتأويلية المستعارة من العلوم الإنسانية والاجتماعية الغربية المعاصرة؟، كعلوم النفس والاجتماع والانتروبولوجيا والتاريخ في فروعها المختلفة، وفلسفة الدين، وتاريخ ومقارنة الأديان، الهيرمنوطيقا، النقد الأدبي ...إلخ؟، كيف يمكن اختبار هذه الصلاحية في إنجاز قراءة أخرى لتاريخ العلوم الإسلامية والمعارف المرتبطة بها، قراءة تنأى بنفسها عن التوجيهات الإيديولوجية القيمية القبلية المضمرة والمعلنة؟،

هل ثمة إمكانات لانفتاح واع جاد ومسؤول لأتباع الفكر الديني التقليدي على المنجز المنهجي للعلوم الإنسانية والاجتماعية المعاصرة؟   ما هي العقبات التي تقف دون إزالة الجدران السميكة القائمة في أغلب الجامعات العربية والإسلامية بين كليات أصول الدين والشريعة من جهة، وكليّات العلوم الإنسانية والاجتماعية من جهة أخرى؟، متى يدرك الباحثون في الضفتين أن المعرفة العلمية من جهة الأسس والمبادئ والمقولات المنهجية كل لا يقبل التجزئة؟، متى تزول هذه العقبات لتسمح بكنس الأوهام من العقل الإسلامي، حتى يصبح قادرا على مواجهة الواقع واختلاق الحلول المناسبة لمختلف المشكلات؟.

Builder Construction HTML Template